كورونا والأضرار النفسية

بقلم: نجاة بنت علي شويطر 

كاتبة من البحرين 

 

خوف من أقرب الناس إلى قلبك،،

خوف من الخروج من المنزل ،،

خوف من الزوار أهل أو غرباء،، 

خوف من التسوق للضروريات ،،

خوف من الذهاب للمستشفى،،

خوف من لمس الأشياء من حولنا ، السلع المشتراة ….

أصبح الخوف ملازماً لنا في حياتنا كلها ، خوف وذعر وقلق لم يكن بالحسبان أثر على حياة الكثير من الناس رغم الأخذ بكل الأسباب التي تعتبر من ركائز شريعتنا الإسلامية عندما قال رسولنا الكريم للرجل صاحب الناقة عندما سأله:  يا رسول الله أترك ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل ؟ قال أعقلها وتوكل . 

فشريعتنا الإسلامية تدعونا للأخذ بالأسباب وليس التهاون واللا مبالاه والاستهتار لأن الأخذ بالأسباب من تمام التوكل على الله ولا ينافيه، فالتوكل على الله يستلزم الأخذ بالأسباب المشروعة والتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية. 

فهناك كثر لا يلتزمون ويتهاونون في الأخذ بالأسباب بدعوى التوكل على الله مرددين الآية القرآنية “قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون”َ بدون معرفة تفسيرها الصحيح ويعرضون أنفسهم وأهاليهم للخطر حتى يصابوا بالكثير من الحوادث والأمراض ومنها فيروس كورونا المستجد. 

وهنا تبدأ المشكلة عندما يصاب أحد أفراد العائلة بهذا الفيروس المخيف فيستحوذ الخوف قلب المصاب وينتشر الذعر والقلق في نفوس جميع أفراد عائلته ،وزملائه في العمل ، وكل المحيطين به. 

فعندما تبدأ الأعراض الصحية في الظهور من ارتفاع في درجة الحرارة وضيق في التنفس وألم في الحنجرة، وكحة مستمرة، وأحياناً لا تبدو أي من هذه الأعراض على المصاب ولكن ما يبدو جلياً هي الأعراض النفسية حيث يشعر المريض: 

  • بالقلق والاكتئاب وعدم القدرة على النوم وفقدان للشهية .
  • فرط التفكير نتيجة تطبيق الحجر الإلزامي عليه سواء في المستشفى أو في المنزل .
  • شعور بالخوف على أغلى ما يملك من بشر أهله وأبنائه ووالديه .
  • التوتر والعصبية الشديدة لشعوره بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه حتى من أقرب الناس إليه .
  • الشعور بالحزن والغضب والبكاء المتكرر بسبب خوف الآخرين من التعامل معه .
  • متابعة الأخبار المتعلقة بحالته الصحية وحاله المرض بصفة عامة بقلق وخوف .
  • الأستسلام للمرض وانعدام الثقة والتفكير في الموت. 

أما الحالة الشعورية التي تعتري أهل مصاب فيروس كورونا فهي لا تقل سوءاً عن إحساس وشعور المريض نفسه فتعتريهم موجات من: 

  • الذهول وعدم تصديق الخبر في بداية التشخيص. 
  • حالة من التشتت الذهني والفكري في توفير وتجهيز المكان المناسب للمصاب.  
  • الخوف والذعر من المصاب في كل أفراد العائلة سواء المقيمين معه أو غير المقيمين والديه وإخوته. 
  • يصابون بالوسواس القهري ومبالغه في استخدام وسائل التعقيم والتنظيف. 

وكذلك الكوادر الطبية التي تعمل ليلاً ونهاراً مع المصابين والمخالطين لهم فهم معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بهذا الفيروس: 

  • فينتابهم شعور بالحزن لما يشاهدوه من حالات مرضية ونفسية .
  • ينتابهم شعور بالخوف والقلق من الإصابة بهذا المرض .
  • ينتابهم شعور الأسى والتعب والإرهاق النفسي لامتداد ساعات العمل إلى أوقات متأخرة وكثرة المرضى التي تفوق طاقتهم الأستيعابية. 
  • انعزالهم عن أهاليهم وأبنائهم خوفاً عليهم لأنهم معرضون للإصابة ونقل الفيروس. 

لذا فمن مسؤولية الجهات الرسمية الاهتمام بالجانب النفسي فهو لا يقل أهمية عن الجانب الصحي للمرضى وأقربائهم وكل العاملين في هذا المجال بل إن الحالة النفسية ضررها على الإنسان أكثر بكثير من المرض نفسه ، يجب أن تنشأ في كل مستشفى أو كل محجر صحي وحدات متخصصة للدعم النفسي هدفها مراقبة أي آثار نفسية تطرأ على المصابين بفيروس كوفيد 19  أو أهاليهم أو من الكوادر الطبية العاملين في هذا المجال ، ومحاولة علاجها بتفعيل عدة برامج تساعد المتضررين على التكيف مع الوضع والتغلب على المشاعر السلبية و تجاوز هذه المرحلة بسلام وذلك للحفاظ على الصحة النفسية للمجتمعات المتأثرة بالفيروس. 

ومن ضمن البرامج الواجب تفعيلها في مثل هذه الوحدات:

  •  تقديم النصح والإرشاد والمواعظ لتهدئة نفوسهم
  •  حثهم على التزام الصبر والثبات عند الإصابة بالمرض والمصائب لما للصبر من أجر عظيم عند الله .
  •  تذكيرهم بأن المؤمن سيثاب ويؤجر على كل مرض وألم
  •  توفير وسائل الترفيه كالتلفاز وبعض الألعاب والأنشطة المسلية .
  •  توفير الإنترنت للتواصل مع أهاليهم وأصدقائهم .
  • توفير برامج وأنشطة رياضية لهم .
  • تحديد أوقات خاصة للاسترخاء والهدوء النفسي.
  • توفير الفرص لهم لممارسة هواياتهم المفضلة .

فلنحافظ على صحتنا البدنية والنفسية بأتباعنا للتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية واتخاذ كل الإجراءات الاحترازية أيام عيد الأضحى المبارك والتزامنا بالتباعد الاجتماعي وعدم التزاور، واختصار التجمع على العائلة الصغيرة التي تسكن في البيت الواحد، والمعايدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزيع العيادي عبر المنصات الإلكترونية للبنوك، فلا نريد فرحتنا بالعيد تنسينا صحتنا وصحة أبنائنا وأهلنا وأحبتنا، فكم من عائلات فقدت أحبتها وعانى الكثير من الآلام بسبب التهاون وعدم الالتزام في عيد الفطر الماضي.

ختاما ادعوا الله لكل من عزم ونوى الحج لهذا العام وحال بينه وبين أداء مناسكه ظروف وباء الكورونا حفاظا على ارواح الحجاج أن يتقبل الله منه ويحتسب له حجة تامة .. تامة .. تامة.

وإنما الأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوى. وكل عام وأهل الخليج والأمة العربية الإسلامية كافة بخير وسعادة….

نجاة بنت علي شويطر

nshowaiter98@gmail.com