
انفرد بالحوار الإعلامي/ هاني فاروق
استفدنا الكثير من خبرات المجلس القومي للمرأة بمصر في مجال العمل النسائي
- المشروع الإصلاحي نهض بمكانة المرأة البحرينية كشريك جدير في النهضة الوطنية
المرأة شاركت في رسم ملامح الدولة البحرينية منذ فتح أبواب التعليم النظامي أمامها عام 1928
مملكة البحرين أولى دول الخليج التي أدمجت المرأة في الحياة العامة
الأميرة سبيكة استشرفت تقدم المرأة البحرينية مبكرًا.. ومملكة البحرين لها تجربتها الخاصة على صعيد تمكينها
مصر سباقة في تقديم الدعم لنهضة المرأة البحرينية
مصر الشقيقة حاضرة في الوجدان والذاكرة البحرينية على مر التاريخ
النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين يساعد على إنفاذ الخطة الوطنية لنهوض المرأة
نهلت الثقافة والفكر في مدرسة والدي المفكر محمد جابر الأنصاري
والدي قدم الحلول لإعادة الاعتبار للأمة العربية ووالدتي كانت الجسر الذي يربطنا بالوطن في الغُربة
الاستقرار الأسري يقع على أعلى سلم الأجندة الوطنية ونعمل على حل الخلافات الزوجية خارج إطار المحاكم
النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين يساعد على إنفاذ الخطة الوطنية لنهوض المرأة
المملكة منحت أزواج العاملات في الصفوف الأمامية فرصة العمل عن بعد بسبب تواجد أبنائهم في المنزل
حاورها: هاني فاروق
نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام

هي ابنة المفكر العروبي الكبير محمد جابر الأنصاري الذي نهلت من عمله وفكره الكثير ، وكان لترحاله بين عواصم العالم شرقًا وغربًا أثرًا خاصًا في نشأتها..
هي اسم مشهود له بالتفاني والعطاء للارتقاء بمكانة المرأة في بلادها.. إنها هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة بمملكة البحرين، التي اختيرت ضمن قائمة النساء الأكثر تأثيرًا في الوطن العربي والشرق الأوسط لعام 2021م، مجلة “نصف الدنيا” الصادرة عن مؤسسة الأهرام التقتها، في حوار أجراه الكاتب الصحفي هاني فاروق نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام، لتحدثنا تجربة المرأة في بلادها التي تعد أولى دول الخليج التي شهدت فيها اندماج المرأة ودخولها الحياة العامة، بعد فتح التعليم النظامي أمامها أسوة بالرجل منذ العام 1928.
هالة الأنصاري وجهت الشكر والتقدير لمصر قائلة إن جهود المجلس القومي للمرأة بمصر من واقع الخبرة العريقة في مجال العمل النسائي، كانت الكفاءات المصرية القديرة سباقة بتقديم كل الدعم لبدايات العمل المؤسسي للمجلس، قائلة: “ليس بغريب ولا مستغرب على مصر الشقيقة الحاضرة في الوجدان والذاكرة البحرينية على مر تاريخ العلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين”.
وفي إطار احتفال بلادها بمرور 20 عامًا على تأسيس المجلس الأعلى للمرأة، تحدثنا معها عن المشروع الإصلاحي الذي أطلقه العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في العام 2001 وما قدمه للمرأة كشريك في النهضة الوطنية، وكتب قصة نجاحها بمشاركة المرأة في المجالات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية كافة.
- المرأة في مملكة البحرين انتقلت من مرحلة التمكين إلى مرحلة التقدم، ما الواقع الذي تعيشه المرأة البحرينية في يومنا هذا كشريك فاعل في المجتمع؟ صفي لنا أهم المجالات التي اقتحمتها المرأة في بلادكم والتي تقدم صورة إيجابية عن المرأة في الخليج والمجتمعات العربية؟
- بحكم البدايات المبكرة لمشاركتها في رسم ملامح الدولة البحرينية، حتى قبل اكتشاف النفط، وبتشجيع من الرجل البحريني، كفتح أبواب التعليم النظامي أمامها في 1928، وإتاحة فرصة التصويت في البلديات المحلية منذ منتصف العشرينيات، وانخراطها السلس في قطاعات العمل كالتدريس والمحاماة والشرطة هذا غير إسهاماتها في تشكيل مجتمع البحرين المدني من خلال إقبالها على العمل التطوعي قبل استقلال البحرين وكانت نشاطاتها تتأثر بمختلف الظروف بما فيها التي يوجهها الوطن العربي.
واليوم المرأة البحرينية بلغت مستوى جديد ومتقدم من الشراكة الوطنية وفي جميع قطاعات التنمية، فهي تشكل (42.8%) من إجمالي القوى العاملة البحرينية وبحضور يصل إلى 46% في الوظائف التنفيذية بالقطاع الحكومي وبنسبة 63% في الوظائف التخصصية، وترتفع نسبة مشاركتها في سوق العمل الحر كصاحبة عمل لتبلغ 47% من إجمالي أصحاب الأعمال، حيث تبلغ نسبة المستثمرات في البورصة 28% من اجمالي المستثمرين، كما شكلت المرأة المصدرة 39% من اجمالي المصدرين، هذا غير إقبالها على العمل في القطاع المصرفي والمالي بنسبة 40% والقطاع الهندسي ونسبتها فيه 36% وإدارة الثروات وعلوم المستقبل والمهن الطبية الدقيقة، ومجال الفضاء، والمناصب القضائية والدبلوماسية.
وتعد مملكة البحرين من أوائل الدول العربية التي التحقت فيها المرأة سلك الشرطة وكان ذلك في عام 1970، تمثل بتأسيس قطاع متكامل للشرطة النسائية. وهي تجربة استطاعت أن تنقل خبرتها لبعض الدول الخليجية بناء على مخرجاتها الإيجابية.
وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع أعداد القاضيات بنسبة تجاوزت 100% خلال الفترة (2006-2022)، وتبلغ نسبة القاضيات 12% من إجمالي القضاة وهي نسبة نأمل ارتفاعها بما يتناسب مع حضورها وعطائها الوطني.
أيضًا إذا ما نظرنا إلى عراقة عمل المرأة في المجال الدولي والدبلوماسي الذي بدأ مع تعيين أول امرأة بوزارة الخارجية في عام 1972، وتدرجت في العديد من المناصب إلى أن توجت بمنصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006، وسفيرة لعدد من الدول كالصين والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وبلجيكا، والاتحاد الأوروبي، وتايلند. - احتفلت مملكة البحرين مؤخرًا بمرور 20 عامًا على تأسيس المجلس الأعلى للمرأة.. كيف كان للمجلس الأعلى للمرأة من دور في رسم مستقبل أفضل للمرأة في بناء وتنمية وطنها ومواجهة آفة التمييز بينها وبين الرجل؟
قيادة سيدة البحرين الأولى الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة للعمل النسائي الرسمي من خلال رئاسة المجلس الأعلى للمرأة، هذا غير توليها للعديد من المسئوليات ذات العلاقة بتنمية المجتمع منذ أن كانت حرمًا لولي العهد، أدى إلى مأسسة نظام العمل بشأن المرأة ووضع القواعد القانونية والأساسية للعمل المؤسسي والاستراتيجي كآلية وطنية وجهاز استشاري يتبع رأس الدولة بشكل مباشر. فبحكم اختصاص المجلس، فهو الجهة المسئولة عن رسم السياسة العامة ووضع الخطة الوطنية لنهوض المرأة، وتفعيل الشراكات المؤسسية والمجتمعية لإدماج تلك الخطط في مسار عمل الدولة وبمنهجية قادرة على قياس انجاز كل مرحلة.
ومع هذا الواقع الجديد ساهم المجلس بشكل كبير في نقل تطوير خطط التمكين وتوجهاتها التقليدية المتمثلة في الرعاية والنهوض بها إلى مستوى متقدم تكون المرأة قادرة على النهوض بذاتها وأن تكون منافسًا حقيقيًا في تولي مسئولياتها الوطنية على أسس الكفاءة وقاعدة المساواة بين المرأة والرجل في الحياة العامة. كما أسهم عمل المجلس الأعلى للمرأة، في وضع هيكلية البنية التحتية الداعمة للتوازن بين الجنسين لتبني سياسات تكافؤ الفرص ونشر الثقافات المؤسسية الداعمة لذلك. وهو ما نتج عنه ما نسميه بالنموذج الوطني للتوازن بين الجنسين كمحرك وطني يتابع ويراقب كل ما له علاقة بتقليص الفجوات بين الرجل والمرأة ويساعد على إنفاذ الخطة الوطنية لنهوض المرأة في صلب عمليات التنمية الوطنية.
فما يتحقق للمرأة البحرينية اليوم هو أمر استشرفته الأميرة سبيكة مبكرًا، وتؤكد خلاصة المرحلة الحالية من العمل بأن مسارات العمل ما كانت لتصل إلى هذا المستوى لولا ذلك الالتزام والإصرار والمتابعة الشخصية لدقائق الأمور، لتجعل من قضية المرأة قضية وطنية تجد موقعها المتقدم على قائمة أولويات الدولة، وهو ما أسهم، بشكل لافت، في تقريب وجهات النظر الوطنية على العديد من القضايا المحورية، كالمشاركة السياسية للمرأة ومواقع صنع القرار، وإقبالها على مجالات العمل النوعية كعلوم المستقبل وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وريادة العمل الحر والمبتكر، ومتابعة كل ما يلزم لتنقية النصوص من أية مظاهر تمييزية لا تتسق مع طموحات مملكة البحرين لنسائها.
وهنا لابد من التوجه بكثير من الشكر والتقدير لجهود المجلس القومي للمرأة بمصر من واقع الخبرة العريقة في مجال العمل النسائي، وكانت الكفاءات المصرية القديرة سباقة بتقديم كل الدعم لبدايات العمل المؤسسي للمجلس، وهو ليس بغريب ولا مستغرب على مصر الشقيقة الحاضرة في الوجدان والذاكرة البحرينية على مر تاريخ العلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين في السراء والضراء. - كما نعلم أن لمملكة البحرين تجربة رائدة في تولي امرأة سدة السلطة التشريعية منتخبة في الوطن العربي ألا وهي السيدة فوزية زينل، فهي أول امرأة تتولى رئاسة الاتحاد البرلماني العربي، وهناك غيرها الكثير في شتى المجالات .. كيف تمكنت المرأة البحرينية من الوصول إلى هذه المناصب الريادية في ضوء الدعم المستمر من القيادة السياسية لها؟
- للبحرين تجربتها الخاصة على صعيد تمكين المرأة البحرينية، فهناك نضج في التجربة وتراكم ثري للخبرات وبيئة مساندة وداعمة للمشاركة نسائية في سياق عمل مؤسسي يضبط إيقاع استدامة تلك المشاركة. وكان من الطبيعي، أن نشهد مثل هذا الأداء الذي تفوقت فيه المرأة البحرينية على تحديات وصعوبات صناديق الاقتراع واستثمرت المناخ العام بشكل مهني.
وفوزية زينل رئيسة كجلس النواب لم تهبط ببراشوت من السماء، بل هي امرأة بحرينية عصامية تدرجت في مجال تخصصها الإعلامي، الذي لا يقل صعوبة عن مجال العمل التشريعي، ودخلت بدورها في أكثر من تجربة انتخابية، إلى أن جاء نجاحها المستحق، لتبدأ مسيرة عمل جديدة نقلت لها من خبرتها الكثير، وتعمل إلى اليوم، على تجديد الصورة النمطية التي تردد بأن المرأة لا تقوى على العمل البرلماني.
وعلى الضفة الأخرى من الغرفة المنتخبة، نجد نشاطًا موازيًا لعضوات مجلس الشورى المعينات، واللواتي يعملن كخلية نحل لإثراء العمل التشريعي وتوضيح أثر مشاركتهن على الأداء التشريعي. وبحكم خبراتهن الواسعة والمتنوعة، نرى بأن المرأة في الشورى قد استطاعت أن تكون – كما الرجل – صمام أمان لحفظ سير العملية التشريعية، وباستيعاب كبير للأولويات الوطنية والتوجهات المستقبلية. - هل لنا أن نلقي الضوء على جهود مملكة البحرين في تقدم المرأة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ وماذا تم بشأن تسجيل الحقوق الفكرية للنموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية؟
مملكة البحرين بكامل طاقات سلطاتها ومؤسساتها تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة من واقع عنايتها بالتنمية الوطنية والتزامها بمتطلبات التنمية المستدامة عالميًا. والمجلس هو ضمن تلك المؤسسات التي تساند الدولة لتحقيق ذلك. وعملنا على موائمة وتطعيم سياسات وخطط الدولة التي تختص بتقدم المرأة البحرينية بغايات وأهداف أجندة التنمية المستدامة 2030، والتي تنسجم بدورها مع رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، والقائمة على أسس العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
ولتوضيح ذلك بلغة الأرقام فقد شملت مؤشرات الخطة الاستراتيجية (2019-2022) ما نسبته 64 % من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بشكل مباشر بالمرأة (الهدف الرابع والخامس والعاشر). أما نسبة ارتباط مؤشرات أهداف التنمية المستدامة 2030 بمؤشرات الخطة الاستراتيجية لنهوض المرأة البحرينية فيما يتعلق بالهدف الخامس فهي متحققة بالكامل بنسبة 100%.
وفيما يخص الحقوق الفكرية للنموذج الوطني للتوازن بين الجنسين، فإن النموذج يحتفظ بخصوصيته كونه ينبع من احتياجات المجتمع، ونعمل على تثبيت شرعيته على المستوى الوطني من خلال قرارات رسمية تمثلت في اعتماد الملك حمد بن عيسى لتوجهات النموذج، وقيام الحكومة بتنظيم مسألة الاستفادة منه وطنيًا بصدور عدد من القرارات التنفيذية لمجلس الوزراء، حيث أدى ذلك إلى استكمال كافة متطلبات النموذج ليفعل كنظام مسئول عن حوكمة كل ما له علاقة بتحقيق التوازن بين الجنسين، سواء من خلال تقرير لقياس الفجوة بين المرأة والرجل في التنمية، أو على مستوى إنشاء مرصد نوعي لإدارة ما يقارب أربعة آلاف مؤشر لقياس تنافسية المرأة مقابل الرجل والمرأة البحرينية مقارنة بالمرأة اقليمياً ودولياً. - ماذا عن المرأة والدبلوماسية.. هل يمكننا القول إنها تشكل القوة الناعمة للخارجية البحرينية التي نحتفل بمرور 50 عام على ذكرى تأسيسها بعد الاستقلال؟
بكل تأكيد، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى عراقة عمل المرأة في المجال الدولي والدبلوماسي الذي بدأ مع تعيين أول امرأة بوزارة الخارجية في عام 1972، وتدرجت في العديد من المناصب إلى أن توجت بمنصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006، وسفيرة لعدد من الدول كالصين والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وبلجيكا، والاتحاد الأوروبي، وتايلند.
والدبلوماسية البحرينية تتعدد أشكالها وتتسع مجالاتها إذ تلعب المؤسسة التشريعية ومؤسسة كالمجلس الأعلى للمرأة وهيئة البحرين للثقافة والآثار وغيرها من المؤسسات ذات الاختصاص النوعي في تمثيل المملكة وتثبيت مواقفها وإيصال رسائلها والإيفاء بالتزاماتها الدولية. وأعتقد بأن مثل هذه الجهود تعمل على رفد الدبلوماسية البحرينية وإثرائها بتنويع مساراتها وبتكاتف الجهود لإيصال قصص نجاحها وانجازاتها.
وماذا عن المرأة والقضاء.. ما الذي ينقص المرأة حتى تعتلي منصات القضاء والمحاكم في البحرين؟ ولماذا تأخرت في هذا المجال؟
المرأة البحرينية لم تكن بعيدة على الإطلاق عن مسار العمل القانوني والعدلي، وبدأت مبكراً بالعمل في مهنة المحاماة وذلك في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، هذا غير تواجدها في وحدات الشئون القانونية في قطاعات العمل المختلفة.
وإذا ما قارنا وجودها في المناصب القضائية بالمقارنة ببعض النماذج العربية، فلربما هي متأخرة، بعض الشيء، إذ جاءت تعييناتها قبل 16 عام، بصدور عدد من الأوامر الملكية بضم سيدتين لعضوية المحكمة الدستورية ومحكمة التمييز، وتولت بعدها المرأة عدد من المناصب القضائية في المحاكم الجنائية والمدنية والأحداث، إضافة إلى عضويتها في المجلس الأعلى للقضاء كنائب لرئيس محكمة التمييز ورئيسة لنيابة اللاسرة والمرأة.
وتشير الاحصائيات الى ارتفاع أعداد القاضيات بنسبة تجاوزت 100% خلال الفترة (2006-2022)، وتبلغ نسبة القاضيات 12% من إجمالي القضاة وهي نسبة نأمل ارتفاعها بما يتناسب مع حضورها وعطائها الوطني.

- المرأة البحرينية اقتحمت أيضاً المجال العسكري، حدثينا عن حجم تواجد المرأة في القطاع العسكري تحديداً؟
تعد مملكة البحرين من أوائل الدول العربية التي التحقت فيها المرأة سلك الشرطة وكان ذلك في عام 1970، تمثل بتأسيس قطاع متكامل للشرطة النسائية. وهي تجربة استطاعت أن تنقل خبرتها لبعض الدول الخليجية بناء على مخرجاتها الإيجابية.
ولا يقتصر وجود المرأة ضمن هذا القطاع فقط في مجال الشرطة النسائية، بل نجد لها إقبال وتعيينات في وحدات حماية الشخصيات، والقوات الخاصة، ومكافحة الإرهاب وغسيل الأموال ووحدات التحقيق الخاصة والطب الشرعي، هذا غير عملها في تخصصات نوعية في القطاع العسكري بشكل عام كمجالات الدعم الإداري والقانوي والحقوقي. - إلى أي مدى تأثرت مشاركة المرأة البحرينية في الحياة العامة وسوق العمل جراء جائحة كورونا خلال العامين الماضيين؟ وما أبرز المعوقات التي ما زالت تواجه المرأة في مملكة البحرين؟
- ظروف الجائحة لم تكن سهلة على الإطلاق على المستوى الإنساني لشعوب وحكومات العالم بأسره. والبحرين، ليست باستثناء، فقد استوعبت صعوبات الظرف وباشرت منذ اللحظات الأولى للأزمة الصحية على وضع خطط وإجراءات احترازية استهدفت كل مواطن ومقيم، رجل كان أو امرأة، ومهما كان موقعه أو دوره، أو قدرته الاقتصادية.
ولقد أثبتت التجربة الواقعية بأن حزمة التسهيلات التي فُعلّت في فترة الطوارئ قد احتوت أغلب التداعيات، وكان المجلس الأعلى للمرأة مساندًا ويعمل بشكل قريب من الحكومة لضمان كل ما يلزم لدعم المرأة البحرينية واحتياجاتها سواء الصحية أو للمحافظة على مستويات استقرارها الأسرية ومشاركتها الاقتصادية وحتى جوانب الدعم النفسي لتحمل صعوبات الظرف. - منذ العام 2018 بأت مملكة البحرين في تطبيق سياسة العمل الحكومي من المنزل لدعم توجهات نهوض المرأة، كيف أسهمت هذه التجربة مواجهة تداعيات الجائحة على المرأة؟
بالفعل فقد أسهمت هذه التجربة في سرعة تطبيق سياسة العمل عن بعد بشكل كامل وفعّال خلال فترة الجائحة، فالخطة الوطنية لنهوض المرأة اعتمدت هذا التوجه وظلت تنادي به في سياق تنويع باقة الخدمات المساندة التي تمكّن الأسر التي يعمل أفرادها من تحقيق التوازن بين العمل ومسئولياتها العائلية، وتبنت الحكومة، في خضم الجائحة، توصية المجلس الأعلى للمرأة بمنح أزواج العاملات في الصفوف الأمامية فرصة العمل عن بعد بسبب تواجد أبنائهم في المنزل وغياب الأم عن متابعة شئونهم. هذا غير توجه الحكومة بإعطاء الأولوية لتطبيق سياسة العمل من المنزل للموظفين الذين يعانون من الأمراض التنفسية والمزمنة، والموظفات الحوامل والموظفات المستحقات لساعات الرعاية، والموظفين من كبار السن وممن يعانون من أمراض مزمنة وظروف صحية كامنة.
وبدون شك فإن مثل هذه السياسات المرنة قد أسهمت بشكل لافت على المكتسبات الخاصة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة التي شهدت تطورًا نسبيًا خلال فترة الجائحة مقارنة بالعام 2019. - الاستقرار الأسري في مملكة البحرين ما أبرز ملامحه، وما أهم القوانين التي تم إقرارها لدعم المرأة المعيلة والحد من حالات العنف الأسري والطلاق والتعطل؟
- محور الاستقرار الأسري يقع على أعلى سلم الأجندة الوطنية. ويحمل المجلس هذا الملف ضمن محاور خطة العمل، لكونه الحجر الأساس لانطلاقة آمنة للمرأة، بشرط أن يرافق هذا الاستقرار استقلالاً اقتصادياً تحافظ من خلاله على استقرار الأسرة وتماسكها في كل الظروف.
وللمجلس في هذا السياق، عدة مبادرات وتوصيات كحل الخلافات الزوجية بعيداً عن المحاكم من خلال التسويات الودية، وتخصيص مبنى مستقل للقضاء الشرعي (الأسري)، وباستحداث مكاتب للحماية الأسرية بمراكز الشرطة للتعامل مع قضايا العنف الأسري، ووضع إطار وطني موحد للتصدي لقضايا العنف الأسري والوقاية منها، هذا غير المبادرات ذات العلاقة بتقليل أعداد الباحثات عن العمل سواء من خلال مسارات ريادة العمل الحر وإتاحة منصات لاحتضان المشاريع المبتكرة وتقديم الحلول التمويلية وغيرها الكثير. - كان لمملكة البحرين دور مؤثر في إرساء دعائم التعايش السلمي، ولكم مبادرات كثيرة تؤكد على انسجام مكونات المجتمع البحريني بكل أطيافه حدثينا عن تجربتكم الرائدة في هذا الإطار بإلقاء الضوء على دور المرأة على هذا الصعيد؟
- لم تكن المرأة البحرينية بعيدة عن تفاعلات المجتمع البحريني وتشكلاته تحديداً لهويته الثقافية والفكرية ورسم صورته الحضارية في كل محطة من محطات سير الدولة للأمام.
والمرأة البحرينية ساهمت في رفد كل مجال من مجالات العطاء الإنساني والتنموي، وكان لتعاطيها مع قضايا وطنها تأثير كبير على عبور البحرين بسلام مهما اشتدت الأزمات، إذ تلعب المرأة دور مسئول يتعامل مع كل ظروف بشكل يرتقي للحدث ويراعي ضرورات الحفاظ على متطلبات التعايش السلمي واللحمة الوطنية. خذ على سبيل المثال فترة التعايش مع الأزمة الصحية، نجد بأن المرأة البحرينية حاضرة على كل جبهات العمل، وبنسب فاقت أحياناً الرجل، خصوصاً ضمن صفوف الجيش الأبيض، هذا غير حضورها على خطوط التطوع الميداني والأمني، وبأعلى مستويات الالتزام وبذات الصبر والحماس غير مكترثة بمخاطر الوباء في مقابل سلامة مجتمعها وتحقيق أمنه الصحي. - تم اختيارك ضمن قائمة أكثر النساء تأثيرًا في الوطن العربي والشرق الأوسط للعام 2021م، ماذا يعني لك ذلك؟
- الحقيقة أسعدني هذا الاختيار وزاد امتناني لوطني الذي فتح لي مجالات وفرص للتقدم كامرأة، والزاخر بثروات لا تقدر بثمن تتمثل في كفاءاته البشرية، وزاد اصراري على تقديم الأفضل من أجل رفعة البحرين وخدمة لأهلها ما استطعت لذلك سبيلا.
- في وجهة نظرك، هل ما زالت المرأة البحرينية وفي مجتمعاتنا العربية تعاني من النظرة الذكورية والتمييز في بعض الأحيان؟
- مصطلح “النظرة الذكورية” يشبه إلى حد كبير مصطلح “الصورة النمطية للمرأة” التي نبقى في دوامتها ولا نعرف كيف نتجاوزها مهما بذلت المجتمعات من مساعي ومهما عملت لتغيير هذه النظرة أو تلك الصورة، وبالتالي، فنحن نبقى ضحايا لها وتحت رحمتها.
وأعتقد بأن جميعنا مسئول عن تصحيح المفاهيم وإيجاد توصيف ينسجم مع ظروف العصر، كي لا تكرر الأجيال الجديدة ذات الأسطوانة باستمرار ذات الدوامة ببقاء الحال. وهذا لن يتحقق إلى إذا اتفقت المجتمعات بقواها الفاعلة على وضع النقط على الحروف وتفنيد ما يمكن تفنيده دون تعميم يصل لمستوى أن يوصم مجتمع بأكمله بأنه يعاني من نظرة ذكورية ترسخ الصورة النمطية للمرأة حتى وإن طغت صور النجاح للمرأة وأصبحت الصور النمطية أو النظرة الذكورية صوتًا نشازًا في عصرنا الحاضر الذي يشهد للمرأة قفزات عالية وطموح لا سقف له للتغيير الإيجابي. - كيف أسهم والدك الكاتب والمفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري في تشكيل وجدانك في ضوء رحلتك التعليمية خارج وداخل مملكة البحرين إلى أن وصلت إلى موقعك الحالي؟
- كنت أحمل البحرين في قلبي أينما ارتحلت، رفقة لوالدي، الذي شاءت أقداره أن يكون بدوره في رحلة بحث وتقصي في أعماق وأسبار حضارة أمتنا العربية والإسلامية التي أبحر في وصفها وتحليل أسباب انهيارها، وأراد بشتى السبل أن ينعشها بفكر متجدد وبتحليل الواقع السوسيولوجي للمجتمعات العربية بمكاشفة ومصارحة بعيدًا عن جلد الذات، وقدم من الحلول ما يكفي لإعادة “بعض” الاعتبار للأمة العربية.
وفي ظني بأن تنقل والدي بين العواصم العربية والغربية متفاعلًا مع مفكريها ومثقفيها ومطلعًا على علومها ومعارفها، كان له أثر كبير على نشأتي دون شك، ومع مرضه مؤخراً، وجدت نفسي أكثر قرب لأعماله الفكرية ومؤلفاته، كمحاولة مني لمواساة نفسي بالحديث معه من خلال أحاديثه الفكرية التي أفتقدها على صعيد علاقة الابنة بأبيها. ووالدتي في كل ذلك هي شعلة الأمل سواء في مساندتها لأبي في إنجاز مشروعاته وتزويده بوقود الصبر في أوقات الشدة، أو في قيامها بدور كبير حيث كانت بمثابة الجسر الذي يربطنا بالوطن في كل محطة من محطات الغربة.